الواجبات المدرسية.. مسؤولية الأم أم الطفل؟
تُعدّ الواجبات المدرسية من أكثر القضايا التربوية التي تثير الجدل بين الأهل والمربين على حد سواء، إذ يظل السؤال مطروحًا: هل الواجب المدرسي مسؤولية الأم التي تتابع وتساعد؟ أم أنه واجب الطفل الذي يجب أن يتحمل مسؤوليته بنفسه؟
في كثير من البيوت، نجد الأمهات يعشن صراعًا يوميًا مع أبنائهن حول إنجاز الواجبات، الأمر الذي يحوّل وقت المذاكرة إلى ساحة معركة بدلًا من أن يكون فرصة للتعلّم وبناء المهارات.
![]() |
الواجبات المدرسية.. مسؤولية الأم أم الطفل؟ |
هذا المقال يقدم رؤية شاملة لمسألة الواجبات المدرسية، يوضح مسؤوليات كل طرف (الأم والطفل)، ويعرض استراتيجيات عملية تساعد على تحقيق التوازن المطلوب لبناء طفل مستقل ومسؤول، مع ضمان دور داعم للأهل بعيدًا عن التسلّط أو التدخّل المفرط.
✨ أولًا: ما الهدف من الواجبات المدرسية؟
الواجبات ليست مجرد أوراق مكتوبة أو مسائل رياضية، بل لها أهداف تربوية وتعليمية عميقة، أهمها:
-
تعزيز ما يتعلمه الطفل داخل الصف، من خلال التطبيق العملي.
-
تنمية مهارة التنظيم الذاتي، إذ يتعلم الطفل كيف يوزع وقته وينجز المطلوب.
-
تنمية الصبر والمثابرة، فالواجب أحيانًا يتطلب جهدًا إضافيًا لحل مسائل أو كتابة موضوعات.
-
بناء الاستقلالية، حيث يتعلم الطفل أن إنجاز المهام مسؤولية شخصية.
🧑🎓 ثانيًا: مسؤولية الطفل في أداء الواجبات.
الطفل هو المستفيد الأول من الواجبات المدرسية، ومن هنا فإن المسؤولية الأساسية تقع على عاتقه.
-
الالتزام بالمواعيد: عليه أن يدرك أن الواجب ليس خيارًا بل جزء من يومه الدراسي.
-
محاولة الفهم أولًا: قبل أن يطلب المساعدة، يجب أن يبذل جهدًا في المحاولة.
-
الاعتراف بالأخطاء: الخطأ فرصة للتعلم، وليس عيبًا أو سببًا للهروب.
-
الاستعداد النفسي: من المهم أن يفهم الطفل أن الواجب ليس عقوبة بل وسيلة للتطور.
عندما يعتمد الطفل على الأم بشكل كامل لإنجاز واجباته، فإنه يفقد فرصة اكتساب مهارات الاعتماد على النفس، وتُضعف ثقته بقدراته.
قد تُفيدك قراءة: كيف تساهم الأم في تعزيز حب المذاكرة لدى الطفل: نصائح عملية للتشجيع والدعم .
👩👦 ثالثًا: مسؤولية الأم في متابعة الواجبات.
رغم أن الطفل هو المسؤول الأول، إلا أن دور الأم يظل محوريًا، لكن بشرط ألا يتحول إلى "إنجاز الواجب بدلاً عن الطفل".
-
تهيئة الجو المناسب: مكان هادئ بعيد عن التلفاز والمشتتات.
-
التشجيع بدل الضغط: كلمات التحفيز أقوى من الصراخ واللوم.
-
المتابعة دون سيطرة: الأم تراجع وتوجه، لكنها لا تكتب أو تحل بدلاً عنه.
-
تخصيص وقت ثابت: الروتين يساعد الطفل على إدراك أن الواجب جزء من يومه.
-
التواصل مع المدرسة: إذا واجه الطفل صعوبات متكررة، على الأم التواصل مع المعلمة لفهم الأسباب.
⚖️ رابعًا: التوازن بين دور الأم واستقلالية الطفل.
النجاح التربوي يكمن في تحقيق معادلة دقيقة: الأم داعمة + الطفل مستقل.
-
الأم توفر البيئة، لكن الطفل ينفذ.
-
الأم تشجع وتوضح، لكن الطفل يحاول.
-
الأم تتابع النتائج، لكن الطفل يتحمل المسؤولية.
هذا التوازن يحمي الأم من الإرهاق، ويمنح الطفل فرصة لاكتشاف ذاته وتحمل نتائج اختياراته.
قد تُفيدك قراءة:( أسباب هروب الأطفال من الواجبات المدرسية: كيفية التعامل معها).
🔑 خامسًا: أخطاء شائعة تقع فيها الأمهات.
-
حل الواجب بدلاً عن الطفل بحجة أن الوقت ضيق.
-
المقارنة بالأقران: "شوف صاحبك خلص قبلك!"، وهذا يضعف ثقته بنفسه.
-
الصراخ والتهديد بدلًا من الحوار والتحفيز.
-
التدخل المفرط: متابعة كل كلمة يكتبها الطفل تجعله متوترًا وغير واثق.
-
التقليل من أهمية الواجب: أحيانًا بعض الأمهات يقلن "ما فيش مشكلة لو ما عملتش"، وهذا يرسخ الكسل.
💡 سادسًا: استراتيجيات عملية لتجاوز مشكلة الواجبات.
-
تقسيم وقت الواجب إلى فترات قصيرة مع استراحة.
-
استخدام أسلوب المكافآت (ملصق، كلمة تشجيع، وقت لعب إضافي).
-
الاتفاق على جدول زمني يومي، بحيث يعرف الطفل متى يبدأ وينتهي.
-
تعليم الطفل مهارات التنظيم: مثل كتابة قائمة بالمهام.
-
زرع الثقة عبر عبارات إيجابية: "أنا واثقة إنك تقدر تحل بنفسك".
📊 سابعًا: ماذا يقول الخبراء التربويون؟
-
الدراسات التربوية تؤكد أن الطفل الذي يعتمد على نفسه في أداء الواجب يصبح أكثر تفوقًا على المدى الطويل من الطفل الذي تُنجز والدته واجباته.
-
مشاركة الأهل مهمة، لكن حدودها يجب أن تكون في الدعم النفسي والتنظيمي لا الحل المباشر.
-
الواجب ليس مجرد تمرين، بل أداة لبناء الشخصية.
🎯 ثامنًا: كيف نربي طفلًا مسؤولًا عن واجباته؟
-
منذ السنوات الأولى: علمي طفلك أن الواجب مسؤوليته، حتى لو لم يكن متقنًا في البداية.
-
تعزيز الاستقلالية تدريجيًا: اتركيه يحل بنفسه، ثم راجعي معه الأخطاء.
-
التشجيع المستمر: امدحي محاولته، وليس النتيجة فقط.
-
عدم الاستسلام: حتى لو رفض أو تهرّب، استمري في توجيهه دون القيام بالواجب نيابة عنه.
📝 الخاتمة:
الواجبات المدرسية ليست معركة بين الأم والطفل، بل هي فرصة ذهبية لتعليم الطفل المسؤولية، الصبر، والاعتماد على النفس. الأم لها دور أساسي في التهيئة والمتابعة، لكن الطفل هو المسؤول الأول والأخير عن إنجاز واجباته.
إذا نجح الأهل في وضع حدود واضحة بين دورهم ودور الطفل، فإنهم يربون جيلًا واعيًا مستقلًا قادرًا على مواجهة التحديات.
قد تُفيدك قراءة: تهيئة الطفل للعام الدراسي الجديد: خطوات فعّالة تبدأ من الإجازة الصيفية .
❓ أسئلة شائعة:
الواجبات المدرسية هي مسؤولية الطفل أولاً لبناء استقلاليته، لكن دور الأم يظل داعمًا في المتابعة والتوجيه دون التدخل المباشر في الحل.
دور الأم يتمثل في تهيئة الجو المناسب، التشجيع، المتابعة، والتواصل مع المدرسة عند الحاجة، دون إنجاز الواجب بدلاً عن الطفل.
يمكن تعليم الطفل المسؤولية عبر تعويده على حل الواجب بنفسه، تقسيم المهام، وضع جدول زمني ثابت، وتشجيعه على المحاولة وعدم الخوف من الخطأ.
يُنصح بالبحث عن سبب الرفض أولاً، ثم استخدام أسلوب التحفيز والتشجيع، مع اعتماد روتين ثابت للواجبات، والابتعاد عن الصراخ أو التهديد.
نعم، لأن ذلك يفقد الطفل فرصة التعلم وتحمل المسؤولية. دور الأم هو الدعم والتوجيه فقط، بينما الحل يجب أن يكون من الطفل نفسه.