طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك: كيف تصبح القدوة التي تغيّر سلوكه دون أوامر؟

طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك . كثير من الآباء والأمهات يشتكون قائلين: “ابني ما بيسمعش الكلام!” “بكلمه ألف مرة ومفيش فايدة!” طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك: كيف تصبح الق…

محمد عبدالصمد : خبير في التربية وتنمية مهارات الأطفال 📚
المؤلف محمد عبدالصمد : خبير في التربية وتنمية مهارات الأطفال 📚
تاريخ النشر
آخر تحديث

طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك .

كثير من الآباء والأمهات يشتكون قائلين:

“ابني ما بيسمعش الكلام!”
“بكلمه ألف مرة ومفيش فايدة!”

طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك
طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك: كيف تصبح القدوة التي تغيّر سلوكه دون أوامر؟

لكن المفاجأة الصادمة التي يتجاهلها معظمنا هي:
الطفل لا يسمعك بقدر ما يراك.
هو لا يتربى على الكلمات، بل على السلوك.
لا يتأثر بما تقوله، بل بما تفعله أمامه.

في هذه المقالة سنفهم بعمق:

  • لماذا يقلدك الطفل ولا يستجيب لتعليماتك؟

  • كيف يعمل عقل الطفل عند التقليد؟

  • أين يخطئ الأهل دون أن يشعروا؟

  • كيف نحول أنفسنا إلى قدوة مؤثرة؟

  • خطوات عملية لتربية طفل يسمعك لأنه يثق بك، لا لأنه يخاف منك

مقالة شاملة تعتمد على علم النفس التربوي، التجربة الواقعية، وأسس التربية الإيجابية.

🛑أولًا: حقيقة تربوية لا مفر منها.

الطفل مرآة لا جهاز تسجيل.

الطفل لا يولد وهو يعرف القواعد أو القيم أو الأخلاق،
هو يولد ومعه قدرة فطرية مذهلة على التقليد.

🔹 الطفل لا يتعلم الصدق لأنك قلت له "كن صادقًا"
🔹 بل لأنه رآك تقول الحقيقة حتى لو على حسابك

🔹 لا يتعلم الهدوء لأنك تصرخ عليه
🔹 بل لأنه يراك تتعامل بهدوء وقت الغضب

الطفل يتعلم بالسلوك اليومي المتكرر، لا بالمواعظ المؤقتة.

 قد تُفيدك قراءة: كيفية التعامل مع أخطاء الأطفال بهدوء.. أهم النصائح  

🛑 ثانيًا: لماذا يقلدك الطفل أكثر مما يسمعك؟

1. عقل الطفل يتعلم بالملاحظة.

في علم النفس يُعرف هذا بـ التعلم بالنمذجة (Modeling).

الطفل:

  • يراقب

  • يخزن

  • يقلد

  • ثم يعمم السلوك

🔸 طريقة كلامك
🔸 نبرة صوتك
🔸 أسلوبك في الغضب
🔸 ردود فعلك مع الآخرين

كل هذا يُخزن داخله كـ “الطريقة الصحيحة للتصرف”.

2. الكلمات المجردة لا تُفهم في سن الطفولة.

الطفل الصغير لا يفهم:

  • القيم المجردة

  • النصائح النظرية

  • التعليمات الطويلة

لكنه يفهم:

  • ما يراه

  • ما يشعر به

  • ما يتكرر أمامه

3. التناقض يفقدك المصداقية.

حين تقول:

“ما تكذبش”

ثم يراك:

  • تكذب في الهاتف

  • تتحايل

  • تبرر الخطأ

الطفل يتعلم:

الكلام حاجة… والواقع حاجة تانية

وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية.

🛑ثالثًا: أخطر خطأ تربوي.

افعل كما أقول لا كما أفعل.

هذه الرسالة – وإن لم تُقال – يشعر بها الطفل بوضوح.

مثال:

  • تطلب منه عدم الصراخ وأنت تصرخ

  • تطلب منه الاحترام وأنت تهينه

  • تطلب منه النظام وأنت فوضوي

النتيجة:

  • طفل يقلدك

  • ثم تعاقبه على ما تعلمه منك

  • فيشعر بالظلم والارتباك

1. لأنك تتحدث أكثر مما تفعل.

كثرة الكلام بدون نموذج عملي = ضوضاء تربوية.

2. لأن الصوت العالي يلغي المعنى.

الصراخ:

  • لا يبني احترامًا

  • لا يخلق وعيًا

  • لكنه يخلق خوفًا مؤقتًا

3. لأن الأوامر بلا علاقة عاطفية لا تُنفذ.

الطفل يسمع:

  • من يشعر معه بالأمان

  • من يفهمه

  • من يحترم مشاعره

🛑خامسًا: التقليد… نعمة أم نقمة؟

التقليد سلاح ذو حدين.

نعمة إذا:

  • كنت قدوة واعية

  • تضبط سلوكك

  • تعترف بخطئك

نقمة إذا:

  • كنت متناقضًا

  • غاضبًا دائمًا

  • سلبيًا في تصرفاتك

الطفل لا يملك فلترًا أخلاقيًا…
هو يقلدك كما أنت.

🛑 سادسًا: الطفل يقلد مشاعرك قبل أفعالك.

ليس فقط ما تفعله… بل كيف تشعر.

🔹 طفل يرى أبًا قلقًا دائمًا → يصبح قلقًا
🔹 طفل يرى أمًا عصبية → يصبح سريع الانفعال
🔹 طفل يرى حوارًا هادئًا → يتعلم الحوار

🛑 سابعًا: كيف تجعل طفلك يسمعك فعلًا؟

1. كن النموذج أولًا.

اسأل نفسك:

  • هل أتصرف كما أريد لطفلي أن يتصرف؟

  • هل أطلب منه ما لا أفعله؟

ابدأ بنفسك.

2. قل أقل… وافعل أكثر.

بدل:

“رتب أوضتك”

افعل:

  • رتب معه

  • كن منظمًا أمامه

3. اعترف بخطئك أمامه.

حين تخطئ و تقول:

“أنا غلطت، حقك عليا”

أنت تعلمه:

  • الشجاعة

  • تحمل المسؤولية

  • احترام النفس

4. استخدم الحوار لا الأوامر.

بدل:

“اعمل كده عشان أنا قلت”

قل:

“شايف رأيك إيه؟ نعمل ده إزاي؟”

🛑 ثامنًا: متى يبدأ الطفل في السمع الحقيقي؟

الطفل يسمعك عندما:

  • يشعر بالأمان

  • يحس أنك تفهمه

  • يراك ثابتًا غير متناقض

السمع الحقيقي = ثقة
وليس خوفًا.

تاسعًا: دور الأب والأم في القدوة.

الأب:

  • نموذج للثبات

  • للأمان

  • لضبط الانفعال

الأم:

  • نموذج للتعاطف

  • للاحتواء

  • للتوازن العاطفي

حين ينسجم الدوران…
ينشأ طفل متوازن.

🛑عاشرًا: ماذا تفعل لو اكتشفت أن طفلك يقلد سلوكًا سلبيًا منك؟

  1. لا تُنكر

  2. لا تُبرر

  3. لا تهاجم الطفل

بل:

  • راجع نفسك

  • أصلح السلوك

  • اعتذر إن لزم

التغيير يبدأ منك… وينعكس عليه.

🛑 الحادي عشر: الطفل لا يحتاج والدًا مثاليًا.

بل والدًا واعيًا

الطفل لا يطلب:

  • الكمال

  • العصمة

  • القوة الزائفة

بل يطلب:

  • الصدق

  • الاتساق

  • الحب

🛑 الثاني عشر: التربية الحقيقية صامتة.

أقوى الدروس:

  • لا تُقال

  • لا تُشرح

  • لكنها تُعاش

أنت المنهج…
وأفعالك هي الحصة اليومية.

 

طفلك يقلدك أكثر مما يسمعك: كيف تصبح القدوة التي تغيّر سلوكه دون أوامر؟

خاتمة المقال:

إذا كان طفلك:

  • يقلدك في كل شيء

  • ولا يسمعك حين تتكلم

فهذا ليس عنادًا…
بل رسالة واضحة تقول:

“كن كما تريدني أن أكون”

ابدأ بنفسك اليوم،
وستتفاجأ أن طفلك بدأ يسمعك…
دون أن ترفع صوتك.

أسئلة شائعة:

لماذا يقلد الطفل سلوك والديه أكثر مما يستجيب للأوامر؟
لأن الطفل يتعلم بالملاحظة والتقليد أكثر من التوجيه المباشر، فيعتبر تصرفات والديه المرجع الأساسي لسلوكه اليومي.
كيف أكون قدوة إيجابية لطفلي دون أوامر؟
بالالتزام بالسلوك الذي تريد غرسه فيه عمليًا، وإظهار القيم في المواقف اليومية بدل الاكتفاء بالكلام.
هل تقليد السلوك السلبي يعني فشل التربية؟
لا، بل هو فرصة لتصحيح المسار عبر تقديم نموذج سلوكي أفضل وثابت أمام الطفل.
ما الأخطاء الشائعة عند توجيه سلوك الطفل؟
التناقض بين القول والفعل، والانفعال الزائد، وفرض السلوك دون ممارسة عملية.
متى يبدأ الطفل في تقليد والديه بوضوح؟
منذ السنوات الأولى، ويزداد التقليد وضوحًا بين عمر سنتين وست سنوات.
كيف أصلح سلوكًا خاطئًا اكتسبه طفلي مني؟
بتعديل سلوكك أولًا، والاعتراف بهدوء، وتقديم النموذج الصحيح باستمرار.

تعليقات

عدد التعليقات : 0